إنّ الجزائر هي أكبر بلد إفريقي وعربي- اسلامي من حيث المساحة يحيط بها البحر الأبيض المتوسط. لقد احتلتها فرنسا مدة استغرقت مائة وثلاثين سنة فقتل فيها حوالي ميليون ومائتي ألف جزائريّ للدفاع عن وطنهم وللحصول علی استقلال تحقق لهم سنة 1962م. تمت رحلتنا إلی الجزائر في السادس عشر من نوفمبر سنة 2012م (25/8/1391ه) للمشاركة في ندوة «التفكير اللساني والنظرية النقدية المعاصرة بين هاجس التأصيل إلی كشوفات الحداثة البعدية» أقيمت في جامعة تبسّة التي تبعد عن العاصمة بأكثر من سبعمائة كيلومتر. حطّت طائرتنا المتجهة من الدوحة في مطار بومدين للجزائر العاصمة فنزلنا منها وركبنا سيارة كانت جامعة تبسّة قد أرسلتها إلينا، اتجهت السيارة نحو تبسّة ليلاً وفيها سبعة اشخاص فوصلنا إليها صباحاً باكراً. أقمنا في أحد فنادق المدينة ثم دخل بقية المشاركين تدريجياً.
بدأت الندوة في اليوم التالي فجاء اليوم الموعود وبدأ كل مشارك بإلقاء كلمته، أما دورنا فقد جاء في اليوم التالي حيث ألقينا كلمتنا للحضور عن «دور الترجمة في حوار الثقافتين العربية والفارسية». قضينا في تبسّة ثلاثة أيام وسعدنا بمعرفة الأساتذة والطلاب المشاركين في الندوة من البلدان المختلفة، كذلك بتبادل المعلومات في المجالات المختلفة خاصة الأكادمية والأدبية منها. وفي اليوم الرابع تركنا تبسّة نحوالعاصمة لوحدنا استأجرنا سيارة إلی مدينة إسطيف وانطلقنا نحوها بما في طريقها من رطب ويابس. كانت المدينة منتصف الطريق إلی العاصمة لذلك غادرنا السيارة فركبنا أخری متجهة إلی العاصمة وفيها عشرة ركاب.
في طريقنا من تبسّة عبرنا أريافاً، ومدناً وصحاري فشاهدنا فيها من حياة الناس وكيفية معيشتهم ما يلفت النظر.كانت الظروف في رحلتنا إلی العاصمة علی ما يرام، إلی أن فاجأنا هطول الأمطار الغزيرة قبيل الوصول إليها وتبلّلت امتعتنا. دخلنا العاصمة عند غروب الشمس وترجّلنا من السيارة ثم اتجهنا وسط المدينة لننزل في فندق نبيت فيه، لكننا تركنا الأمتعة وخرجنا إلی الشارع قبل المنام لنتجول في الجزائر العاصمة، فالشرطة أعادتنا إلی الفندق بعد حوالي ساعتين من تجوالنا لأسباب أمنية لم تكن مستتبة في المدينة. قضينا تلك الليلة واستيقظنا في الصباح الباكر لننتهز الفرصة لزيارة المدينة قبل إقلاع طائرتنا نحوالدوحة فبلدنا إيران. خرجنا إلی الشارع ولاندري إلی أين! مشينا في الساحات، في الأزقة، علی ساحل البحر، في الشوارع وفي محلات البيع، كذلك تغلغلنا وسط الشعب الجزائري المسلم تحدّثنا معهم حيث سنحت لنا الفرصة، أما الوقت فقد مرّ كمرّ السحاب. فتركنا التجوال وتحركنا نحومطار بومدين وغادرنا الجرائر بذكرياتها الخالدة.
مما يُلفت النظر في الجزائر هوسيطرة اللغة الفرنسية فيها إذ يتكلم بها أهل البلد، كذلك يكتبون بها دون أي صعوبة تمنعهم من التكلم والكتابة فاحتلت اللغة مكانة لم تحتلها اللغة العربية، وفقدان أيّ أثر للغة الفارسية لا في الجامعات الجزائرية ولا في غيرها من الأمكنة الأكاديمية، وهذا ما يؤسف عليه.